رثاء الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات
إن نالكَ الموتُ أو أودت بكَ المِحنُ فالدهرُ يشـهدُ ما أودى بك الجُبُنُ
والشعبُ بعدَك في حزنٍ في ألمٍ لا عاشَ بعدكَ شـارونٌ ولا نَتِـنُ
فالقدسُ تفـقِدُ من أبنائِها بَـطلاً والقـدسُ باقيةٌ واللهُ والــوطَنُ
قد كان في الحبسِ محصوراً بلا سكنٍ واليومَ في القبــرِ لا أهلٌ ولا سَكنُ
تبكي فلسطيـنُ إبناً بــرّها ومضى ما عاشَ في رَغدٍ بل عضَّه الزمنُ
تخشاهُ عُصبَةُ صِهيَـونٍ لشدَّتِـهِ لا يعتري بأسَـه لِينٌ ولا وهَـنُ
أمضى صِباهُ وزهرَ العمرِ منهمكاً سرًّا يناضِـلُ حتـى شُـرِّع العَلنُ
ما آزرتهُ حكــوماتٌ ينـاشدُها إلا ادّعاءً بقولٍ ما لهُ ثَـمَـنُ
كم أعلنوا الحزنَ والتأييدَ في صُحُفٍ فأظـهروا غيـر ما دسّوا وما بَطنوا
قد لامهُ البعضُ في قولٍ وفي عملٍ ما لامَ إخلاصَـــه عَـيٌّ ولا فَـطِنُ
لا يسلمُ المرءُ من نقدٍ ومن خطأٍ فليسَ في الناسِ شخصٌ كلُّهُ حَسَنُ
قد رامَ للقدسِ تحـريراً بـلا وَهنٍ شيخٌ يكافِــحُ مهْـموماً ومُمتَحَنُ
همُّ التحـرّر من صِـهيَونَ أنهكَهُ وحمّلَ النـفسَ ما لا يحـملُ البدَنُ
غابتْ صفائـحُهُ شعَّتْ صـحائفُهُ جسمٌ ســيفنى ويبقى ذكرهُ الحَسَنُ2
قد ماتَ ياسرُ فالأعداءُ قد فرِحوا ويلٌ لهـم، شعبُهُ حيٌّ أما فـطِنوا؟
قد حاولوا قتلَـه جُرماً فما فلحوا فالمـــوتُ حقٌّ وبالأقـدارِ مرتَهَنُ
راموا اغتيالك مـراتٍ فما قَـدَروا والآنَ غالكَ إمَّا الــسمُّ أو شَـجَنُ
والخوفُ بعدَكَ من شَمـلٍ يُـبدِّدُه حُبُّ الزعـــامةِ والأذنابُ والضـغَنُ
منذُ الخـلافةِ ثارت بيـننا فِـتَنٌ حتى إلى اليومِ تسري بيننا الفِتَنُ
ما للمصائبِ تَـترى فوقَ أمّتـنا؟ هل أعذُلُ الدهرَ إن أزرى بنا الزمنُ؟
إنَّ المصائبَ في أوطانـنا كَثُرت حارت لتكــرارِها الأفكارُ والفِطَنُ
فالخطبُ من حولِنا كالبحرِ ملتَـطِـمٌ (تجري الرياحُ بما لا تشتهي السفُنُ)
صبراً فلسطينُ إنَّ الخطبَ منقَشِعٌ والعسرُ باليسرِ في القرآنِ مُقتَـرِنُ2
11 نوفمبر 2004
الهوامش:
1. صفائحه: الصفائح الدموية.
2. إشارة إلى قوله تعالى: (فإنّ مع العسرِ يسرا ، إنّ مع العسر يسرا) سورة الشرح، آيتي 5 و6.