قصيدة شكر للدكتور حسن
مناسبة القصيدة:
كتب الدكتور حجر بمناسبة بلوغه الثمانين من العمر في 8-2-2023 قصيدة عنوانها (عيد الثمانين)، ومطلعها:
عيدُ الثمانينَ من عُمري أُحَيِّيهِ بِلا خِضابٍ لأنّي لستُ أُخفِيهِ
فكتب له الدكتور حسن نعمة قصيدة مهنئًا بالثمانين مطلعها:
بُوْرِكتَ تَرْفُلُ في نُعمى الثمانينِ فاهْنَأْ بدُنياكَ "مِطيابـًـا" وبالدِينِ
فأجاب الدكتور حجر معارضًا قصيدة الدكتور حسن:
بُوركتَ أنتَ الذي فــوقَ الثمانِينِ يا خَيرَ ذي مِقولٍ بالشعرِ تأتيـني
تَحيةٌ وصلت من صاحبٍ حَسَنٍ بالصوتِ تُنشِدها صُبحًا تُحيِّـيني
أورَدتَ فيها (أطاييفًا وأخيلةً فاهنأ بدنياكَ مِطيابًا) تُغنِّيني
أنتَ الخبيرُ بهذا الشيبِ يا حَـسَنٌ قد كنتَ ترفلُ قبَلي في الثمانينِ
(أنتَ الدلِيلُ) بهذا العمرِ تُخبرني (بما يُوافِيْكَ مْن حِينٍ إلـى حِينِ)
فهل وجدتَ بهِ سُوءًا وضائِقَةً؟ وأنتَ تَضحَكُ هذ اليومَ تُسـليني
***
لمَ التكّلفُ في الألفاظِ يا حَـسـنٌ تُخيفُني يا تُرى أم أنتَ تَحـــبُوني؟
ألفاظُكم أَعيتِ القاموسَ يَفهــمُها أمَّا أنا فلـقد ظَلّت تُعنّيني
لقد عَيِيتُ ووَعرُ اللفظِ أرهَبَنـي يا ويحَ نفسيَ كادَ اللفظُ يُرديني
قد كنتُ آمُلُ منكَ العونَ تُسعِفُـني إذا ظَللــتُ بدربِ الشعرِ تَهديني
لكنَّ دَربَك في الألفاظِ أبعـدَني حتى استَعَنتُ لشعري بالشــياطينِ
ميدانيَ الطبُّ لا الأشعارُ تَعرِفُني يا صاحبَ العِلمِ في كلِّ الميادينِ
لكنّني قد هَوَيتُ الشعرَ أنــفُثُهُ إن جاشَ في خـاطري ما كان يُشجِيني
لا أعرِفُ الوعرَ في الأشعارِ أنسُجُهُ اِقرأ لآلئ شِعري في دواويني
كم كانَ لفظُكَ سَهلاً في الصِّبا قِدَمًا تُجري القصائدَ سَيلاً منهُ تَسقيني
أنا أخـوكَ بِوعرِ اللفظِ تُبعِدُني فاختر لشِعركَ حُسنَ اللفظِ تُدنيني
***
لم أنسَ يا صاحِبي يومًا مررتُ بِكم إذ كنتَ في لندنٍ بالشــعرِ تُقريني
ما كان شِعرُكَ صَعبًا حينَ تُنشِدُه بل كان شِعرًا رَقِيقًا منه تَرويني
كتبتُ شِعرًا أُحَييكم وأشكــرُكم على الضيافةِ في كامبرجَ في الحِـينِ
فما اعتنيتَ بشعري بل رَميتَ بِهِ في سلَّةِ العَفنِ، لم تَنظُرهُ بالعَـينِ
أهمَلتَ خِلاَّ يقولُ الشـعرَ مُقتَدِرًا فما اعترفتَ بشعري طولَ عَـقَدينِ
هل لي أبوحُ بما شاهدتُ أذكُرهُ أم ألزمُ الصمتَ فيــما ليسَ يَعنيني؟
فأنتَ أقربُ عندي صاحبًا فَطِنًا في رِفقةِ الدربِ بالأشعارِ تُسليني
***
رأيتُ سُوزانَ في كمبرجَ تَعشَقُكم أيامَ كنتَ جَــميلاً دونَ تَزيينِ
بيضاءَ فرعاءَ قد بانَت مفاتِنُها تُغري الرجالَ ببســماتٍ وعِرنِينِ
كانت تُحبُّكَ حُبًّا لا مثيلَ لهُ ألم تَكن عاشِقًا عِشقَ المجـانينِ؟
نَأيتَ عنها ولم تَحفَظْ مُودَّتَـها عَيبٌ عليكَ فقد جازيـتَ بالشَّينِ!
ضحّيتَ في غادَةٍ حَسناءَ تَعشَقُكم وكنتَ صبًّا فتيًّا غيرَ عِنّينِ
أنكحتَها طالبًا، هل كــنتَ والدَها؟ تختارُ للريمِ من قومٍ مَساكينِ
زوّجتَها رَجلاً قد كان يعشَقُـها أقنعتَها بزواجٍ غَيرِ مَضمونِ
أنفقتَ للعِرسِ أموالاً لتُسعِدَها جَزاك ربُّكَ للإحسانِ والديـنِ!
فهل بكيتَ عليها إذ تودِّعُها؟ هل كانَ قلبُكَ صَـخرًا أم مِنَ الطِّينِ؟
لم تقتَرن بعدَها حتى المَشِيبُ سَرى في ليلِ رأسِكَ من قبلِ الثمانينِ
وعشتَ وحدَكَ لا زوجٌ ولا وَلدٌ عبرَ السنينِ وَحِيدًا غيرَ مَقرونِ
***
بعد التخرجِ جئتَ الدارَ تخدُمُـها فكنتَ أولَ مَطرُودٍ بتَــعيِينِ
عُيِّنتَ في الهِندِ مَندوبًا ومَشتِهرًا سَفيرُ داري بدلهي، كنتَ تدعُوني
لبيتُ دعوتَكم توقًا لصحبَتِكم كنتَ المُضيفَ وفي البســتانِ تأويني
وقمتُ أمدَحُكم شِعرًا أَجَدْتُ بـهِ والنشرُ من زَهَرِ البستانِ يَسبِـيني:
(نعمَ الصديقُ صَديقٌ كلُّهُ أدَبٌ) (قُم ننظُم الشعرَ إن الشعرَ) يُــغريني
(عِطرُ النسيمِ من البستانِ أنعَشَني كأنني مَيتٌ والعطرُ) يُحييني
حَبَتك (غَندي) بترخيصٍ سُررتَ به في الدارِ أَطلَقتَ غزلانَ البسـاتينِ
ما حازَ مثلَكَ هنديٌ بموطنِهِ للدارِ ظبيًا، خلافًا للقَــوانينِ
كانت حياتُك في دلهي مُمَـَّيزةً قد كنتَ في نعمةٍ فيها وفـي لِينِ
قد طالَ شِعري أخي فاعذر مُداعبتي مهما أُباعِدُ عنها فهي تأتيني
سأكتفي بالذي أوردتُ أمدَحُكم لا شكَّ عندي سيَكفيكم ويَكفيني
18-2-2023