رعاية الشيخ صقر للتعليم
108. أبى والدي شــدِّي الرحالَ لبـعثةٍ كأنَّ دروساً فـي الكـويـتِ بـوائقُ
109. ولكنَّ صقراً جاءَ يقــنــعُ والــدي فوُفِّقَ فــي ســعْـيٍ وفُكَّت مغـالقُ
110. ودوّنتُ إسمي في جــوازٍ ومهنتي وألصقت فيه صـورةً ما تـلاصــقُ
111. ووقّعَ صقرٌ في جـــوازي موثِّقاً بختمٍ وذلك الختمُ للزورِ مـــاحـقُ
112. وشرَّفنــي مـنذُ الطـفولةِ قائلاً: "إذا غابَ تلميذٌ وفي البيـــتِ آبقُ
113. فأرسِلْ عليًّا إن بدا العُـــذرُ واهياً فلا عُـذرَ إلا ما عليه تصـــادقُ"
114. ألا إنَّ من جَرَّرتُ للـــدرسِ فاهِمٌ فيا ليتني صدّقتهُ وهـــو صـادقُ
115. فما كـان يُجدي صـــدقُه وبكاؤهُ فما الظلمُ مقصودٌ ومـــا أنــا حانقُ
116. وكلّفني صقرٌ أترجـــمُ ما يشـا غريبٌ بغيرِ الضادِ في الحصنِ ناطقُ
117. وصرَّحَ لي إنشـاءَ نــادٍ لكُـتْـِبنا ريشٍ بتصــريحٍ علــيه يصـادقُ
118. فكان لنا شيخاً وكـــان لنــا أباً فلولاه ما هـانت علــينا الشواهقُ
119. ولستُ الذي ينسى أبـاهُ وعـــطفَهُ إذ ا ما نأى عنه، فــمـا ذاك لائـقُ
120. له الفضلُ في تحصيلنا العلمَ والهُدى صغاراً فهـذا غرسُـهُ الـيومَ وارقُ
121. فإنّـي أُحيِّيهِ بمـــا هـو أهــلُهُ وأُزجي لـه شُكري فشـكـريَ فائقُ
122. سلامي له ما أشرقت شمسُ دارِكمْ وحُبِّي وتقـديري مدى العُـمرِ لاحقُ
الشرح:
108-109. في سنة 1952 أرسل الشيخ صقر أخاه الشيخ حميداً، ووالد الشاعر الشيخ أحمد بن حجر البنعلي إلى الكويت لطلب مساعدة مدرسية من الحكومة الكويتية، فوافقت الكويت. وكان الشيخ حميد قد أخذ ابنه أحمد معه إلى الكويت. وكانت مدرسة الهداية قد فتحت سنة 1950 في رأس الخيمة وتحولت سنة 1954 إلى مدرسة نظامية مزودة من الكويت بمدرس فلسطيني (محمود الجعفراوي) وكتب مدرسية للمرحلة الابتدائية. وأثناء زيارة والد الشاعر للكويت سمع من القضاة وكبار رجال الدين في الكويت بعض التذمر مما طرأ على المجتمع من تغير وفساد، وقلة الصلاة. لذلك رفض والد الشاعر أن يسمح لابنه بالسفر إلى الكويت للدراسة، فاستنجد الابن بالشيخ صقر الذي فاجأ قاضيه الشيخ أحمد والد الشاعر بزيارته في منزله في مدينة معيريض قبل الغروب. وقال له جئتك أطلب منك طلباً فقل: "تمّ". قال: "تم". فقال الشيخ صقر للشيخ أحمد: اسمح لحجر كي يسافر مع زملائه إلى الكويت للدراسة. فوافق على مضض، لكنه قال للشيخ صقر أخاف أن يترك الصلاة في الكويت وينسى الأحاديث النبوية التي علمه إياها الشيخ حميد بن فلاو، ثم أضاف وقد يكون نسي كل الأحاديث بعد أن أغلقت المدرسة. فقال الشيخ صقر: لا، ما نسي، ثم التفت إلى الشاعر الذي كان يصب القهوة له قائلاً: سمّعنا حديثاً، فقال الشاعر: قال (ص): "اطلبوا العلم ولو في الصين". فضحك الشيخ صقر وقال للشيخ أحمد: الكويت أقرب من الصين. آبق: هارب.
110-112. لما تقرر سفر الشاعر للدراسة في الكويت، ناوله الشيخ صقر وهو في مجلسه جواز سفر جديداً، أحمر اللون، وأمره بأن يدون فيه المعلومات المطلوبة، وأن يلصق صورة به. وكان الصمغ الذي أعطي للشاعر لاستعماله قديماً وضعيفاً. ثم وقع الشيخ على الجواز، وختمه بختم حكومة رأس الخيمة. ولم تكن هناك دوائر مختصة للجوازات آنذاك، ولكن كان هناك كاتب موكل بتحرير المعلومات في الجوازات.
113. علي: علي بن أحمد (شرطي). كلف الشيخُ صقر الشاعرَ في مرحلة الدراسة الابتدائية سنة 1955 الإشراف على حضور زملائه تلاميذ مدينة معيريض إلى المدرسة، وعين له شرطيًّا يحضر الغائب عن المدرسة بدون عذر مقبول.
114. فاهم: فاهم بن سلطان القاسمي، صديق الشاعر وابن عم الحاكم الشيخ صقر بن محمد وخال ابنيه خالد وسلطان، الأمين العام لمجلس التعاون الخليجي الأسبق. كان فاهم قد غاب عن المدرسة، ولكن الشاعر سمع من الأطفال أنه لم يكن مريضاً، فأرسل إليه الشرطي علي بن أحمد ليحمله إلى المدرسة. فكان أول من طبق عليه النظام. والجدير بالذكر أن الشاعر لا زال يسمع اللوم من صديقه فاهم لأنه كان مريضاً فعلاً ذلك اليوم.
116. استدعى الشيخ صقر الشاعر سنة 1957 من المدرسة ليترجم له أقوال خبير إنجليزي، يطلب إذناً ومساعدة من الحاكم لزيارة مناطق نائية في رأس الخيمة. ولم يشأ أن يطلب من المدرس الأجنبي أن يترجم له خوفاً من أن يكون في الأمر سر. ولا زال أبو طارق يذكر الحادثة عندما جاء أحد مرافقي الشيخ صقر يطلب من المدرس أن يسمح للشاعر الخروج من الفصل للذهاب إلى مجلس الحاكم. وكان الشاعر في الصف الأول من المرحلة المتوسطة وأبو طارق في الصف السابق للأول المتوسط، الرابع الابتدائي حسب النظام الكويتي، وكان الفصلان في غرفة واحدة. ويدرس مدرسٌ واحد الفصلين في آن واحد لقلة المدرسين والغرف.
117. أنشأ الشاعر سنة 1959 أول نادٍ ثقافي في رأس الخيمة، وهو عبارة عن عريش في معيريض به كتب للقراءة . وكان قد جمع كتباً من الكويت لذلك الغرض. وكان رسم الاشتراك السنوي في النادي خمس روبيات.