التدخين السلبي
نتوقُ للصــحبِ والأحـبابِ إن بانوا ونرتضـي بالنــوى إنْ بانَ دُخانُ
لا تعـذلوني إذا ما قـــمتُ أعذُلهم ما هـكذا عاذلـــي كنَّا ولا كانوا
كنا إذا البـــحرُ أسـلانا بنسـمتِهِ مِلنا على الـرملِ والأمـواجُ ألحانُ
ما عكَّـر الجـوَّ دخّـانٌ ينـفِّرُنا فالكـلُّ منشــرحٌ والكــلُّ جَذلانُ
عهدُ الصـبا ثابتٌ لازلــتُ أذكرُهُ طولَ السنـينِ فمــا خُنّا ولا خانوا
واليومَ أصبحَ حبلُ الوصــلِ منقطعاً كمــا تفـرَّقَ أحـــبابٌ وجــيرانُ
يا ليت إن نلتـقي يُثري مجــالسَنا شعرٌ وعــلمٌ وأخبـــارٌ ووجدانُ
بلا دُخـانٍ مشتٍّ قد يــــشتِّتـنا إذ فـيــه ضَرُّ وإزعـاجٌ وطغيانُ
ماذا أقول وقلــــبي مفـعمٌ بأسىً لِما رأيتُ وعقلي الـيومَ حَــيرانُ؟
ما لي أؤذِّنُ فــي الأطـلالِ منفرداً؟ هل أقفــرت دارُنا أم زالَ إيمـانُ؟
فكلما ازدَدْتُ عـــلماً زادني أمَلاً.. أن يُدركَ النــاسُ أنَّ التبغَ شيطانُ
لكن غيـومُ الأســى زادت تحيِّرُني بلا هــطـولٍ لأنّ الغــيمَ دخّانُ
أنا الطبيبُ الذي آســـيتُهـم زمناً وإنني يا أخــي الإنســانَ مِعوانُ
بدا التقاعـدُ يُغرينــي فأصــرِفُهُ لأنــني لعـــلومِ القــلبِ ظـمآنُ
فكلم ا زاد عمري زادنـي عَــطَشاً فالقلبُ للقلبِ طــولَ العمرِ عطشانُ
يا مدمنينَ ألا يكــفيكمُ مـــرضٌ؟ إرموا سجـائرَكم قـد سـاءَ إدمـانُ
أمراضكم تحت أضلاعِ الصدورِ سرت غداً بكاءٌ إذا مـــا مـاتَ شِريانُ
يبكيكمُ الأهلُ قبلَ الحَيـن ويــحَكم قد حانَ يا ناسُ إقــلاعٌ وهِـجرانُ
أتركعـــونَ لتبـغٍ سالــبٍ نفَــساً كأنما القــدوُ والشــيشاتُ أوثانُ؟
فللــمدخــنِ أمـراضٌ معــدَّدةٌ كما لــه عثَراتٌ شــأنُها شـانُ
فصِحةُ المرءِ إنْ زادت ســـجائرُهُ ساءت كثيراً وحـلَّ العمرَ نُقـصانُ
كم يتَّمَ الطفلَ فــي الأوطـانِ دخانُ فابعَد عــن التـبــغِ إنّ التبغَ أحزانُ
يا حبذا نسمةٌ يحـيا الـــفؤادُ بها ما شابها فـــي فنـاءِ الدارِ دُخّانُ
فالطفلُ ينشأ بالأمــراضِ من صغَرٍ إقلاعُ والـــــدِهِ حُــبٌّ وإحـسانُ
كم قد رأيتُ مريضـــاً بائساً قلِـقاً يدخِّـنُ التبــغَ والإدمـانُ ســلطانُ
أكادُ أُبصرُ داءَ القلبِ فـــي فـمِهِ وفي شكــاويهِ أعــراضٌ وتِبيانُ
قلبُ المدخن مخــنوقٌ بــهِ تلفٌ فهل يعيشُ بغـيرِ القــلبِ إنسانُ؟
تبدو وجوهُ ذوي التدخــينِ كـالحةً فيها شحــوبٌ وتجــعيدٌ وأشجانُ
وفي المصـابينَ أحــوالٌ مـروِّعةٌ كأنما اشتعلت فـي الصــدرِ نيرانُ
إن دخَّنوا هلَكوا إن أقــلعوا سلِموا إن حُدِّثوا نفروا فالــخـطبُ إدمانُ
يا مُدمنَ التبــغِ إنَّ البـؤسَ إدمــانُ فيه مــن الشــرِّ والأخطارِ ألوانُ
فيه انسدادٌ لشـــريانٍ وأفـــئدةٍ فكيفَ يطلُــبُ داءَ القلـبِ إنسانُ؟
لو أدركَ المرءُ لم يمسكْ ســجــارَتَه أليس في التبغِ أمـراضٌ وخُسرانُ؟
تلك السجارةُ فيـها كلُّ قــاتلةٍ عندي لأضــرارِهـا علــمٌ وبُرهانُ
ولا يَغُـرَّكَ سيــــجــارٌ يبـجِّلُه زيدٌ وعمروٌ فذاك المــدحُ بُهتانُ
لم يُبصروا فيه أوضـاراً مغـلَّفةً وكيف يُبصِرُ سـمَّ التبــغِ عميانُ؟
دَعهُ وســارعْ بعـيداً عن مدخِّنِهِ كأنـــما حـــولَه صــِلٌّ وثعبانُ
وشِيشةُ السـوءِ لا ترشُفْ مـعسَّلَها وإن دعـاكَ لــذاكَ الســوءِ خِلاّنُ
وإن فعلتَ فلا تنـفثْ علـى أحدٍ نفثُ السمومِ على الخِــلاّن عدوانُ
ريحُ الدُّخَانِ لكــلِّ النــــاسِ سيِّئةٌ لكن لمُدمِـنِه عِــطــرٌ ورَيحــانُ
لا خيرَ في صاحبٍ أسـدى لصاحبهِ شرًّا بفـــيهِ كـأنّ الشـرَّ إحــسانُ
لا تنفثنَّ عــلى أصحـابِكم وَضراً فالنتْنُ يكــرَهُه شِــيبٌ وشـبانُ
هل يُغضبُ الناسَ قولي حينَ أنصحُهم؟ إني لــهم لا عليـهم فيهِ غضــبانُ
عجِبتُ من مـيّتٍ قد كــنت أنصحُهُ واليومَ مَيْتٌ عليهِ صـاحَ نــــسوانُ
أمعنْ بقولِ محـبٍّ ناصـــــحٍ لكمُ فربـــما أنقـذ الإنســـانَ إمعانُ
5 ديسمبر 2005